تحت جبل البرد امرأة تنتظر

تحت جبل البرد

امرأة تنتظر

                                                     .....                                           خالد لحمدي

صحيفة المسيلة العدد 804 الأربعاء (  28  )  أغسطس 2013م

---------------------------------------------------------

سأغمض عيناي الى أن أصل اليك ، ولن أرى أحد سواك .. قدماي توشكان ان لاتحملانني – وثمة وهن وارتباك يسيطر على كل كوامني .. سنين الجدب والرماد ملئت دواخلي  بكثير من الوجع  والإحتراق .. أوهل أوشكت اللحظة أن تجيء ..؟ سلام عليك أيه الحلم المسافر ، من أعلى قمة جبل  يعشق البرد وفيوضات الغرام  ... كم أشتهي أن اسبق الريح واصل اليك .. كل شيء يتمدد حولي ويتسع  .. سحب  تتكاثف على قارعة الطريق  وتتدلى على الحواف .. أمد يدي لأمسك بك  فأسمع  صوتك تردده  الجبال والغيوم الهاربة التي تتقافز أمام عيناي .. ألمح وجهك الباسم يرتسم بين الغمام ضاحكا ثم يختفي  .

لقد توحّدت أقدارنا ومن الإستحالة الفكاك عن بعضنا  .. أو هل يستطع الماء تغيير مسالكه ، وسلك مضايق أو دروب يصعب أن يسلكها و يتخذ منها طريقاً وهي عصية ومستحيلة ..؟

إن القلوب تبحث عن  مايشبهها ، وتشعر بقربه منها ، ولايباعد بينهما أي فارق أوهوة  لاتتطابق  وروحيهما .. وتلك هي  المتعة في اكتشاف لذّة  الصدمة الأولى  التي تبهج ولاتنتسي  .   

إني اشعر وكأنني للمرة الأولى سألتقيك وأرى وجهك الآسر الطري ... وجهك الذي عرفته منذ عمر  من العمر ... أو هل تغيّر شيئاً من ملامحك وصوتك وهمساتك التي تأتيني كل ليلة ... توشوش في أذنيّ ... تخيفني وتربكني ... تضعني بين الحقيقة والحلم ، ولم أعد أرى شيء سوى الحقيقة ولاأرغب سواها  ... ومع كل منحدر تنزل خلاله روحي وذاكرتي .. يزيد ارتياحي وشغفي وتعلقي .. منحدرات تتدلى من جبل باسم بالوله والشجن .. عبدالله غريب .. طريق ملتوي  كأفعى ..  يشعل صمتي وجنوني ،  وكثافة الضباب المتسربل حولي أسعى للتواطؤ معه فيشعلني حرائق ولهب .

فاتنتي ... انتظرك .. وفي الانتظار سهد وأرق .. ولو تلوّث بحرك ومياهك وشواطئك .. لازلت أعشقك ..

فلتبقي في انتظاري ، على حواف بحر لاتغادره النوارس وعيون العاشقين ..

أخاطبك .. من واد لايعرف العشق ويعشق التصحر واليباب .. من أعلى جبل أرى وجهك القمحي ، وضفائرك تدعوني للإمساك بها .. وبعثرتها خصلة خصلة .. فالشوق لاتكف غيوثه ويزيدني وجع وألم .. لذلك .. دعيني أهمس لك بسر لايعلمه سوانا ..  سأموت يوماً وارحل  .. ولكن .. ستبقى شعرات منك ممسكة بها يدي .. فلتهنئي وتثقي بي .. وإن كان العشاق عادة لايرحلون .