علاقة التعليم بالتنمية
........
خالد لحمدي
إن
التعليم مسلك تعبّر به الشعوب نحو التنمية والتقدّم والسمو والكمال ، ولاتنمية دون
تعليم رأق ينهض بالأمة نحو العُلا ويخرجها
من دروب سوادها الى مسالك أكثر أمل وضياء
.
ولانهضة بدون تعليم .. فهو روح التنمية والحياة
.. ولاتنمية بدون عِلّمٍ .. فهو باب التقدّم والدخول من خلاله نحو النهضة
التنويرية الشاملة ... المواكبة
لما يعتمل من متغيّرات حداثية بين الشعوب
والأمم الأكثر تطوراً وتقدّماً .
إننا لانستطيع أن نصنع أمة أوحضارة ونلّحق بركب
الأمم دون تعليم مكتمل ومناهج صحيحة وصائبة ، تواكب متطلبات حياتنا الناهضة
والمتسارعة والمتغيرة في كل شيء .
الأيام تمّضي ونحن لازلنا نبحث عن الأبجديات
المعرفية والتعليمية .. في حين أتت بعدنا كثير من الأمم وواكبت في رؤاها المجتمعات
التعليمية الراقية ... والأمم التي صنعت تعليماً نهضوياً شاملاً .. شهدت لها جميع
الشعوب بالتقدّم والإستباق في نشر حركة تعليمية تنموية متكاملة .
فكيف اذن تُبنى الأوطان والأمم ..؟!
كيف يُبنى الإنسان وكيف تكتمل خطوات تنويره
وبناءه وصناعته ..؟!
إننا لن نستطيع أن نصنع مجتمع فعّال ونشط يسهم في
بناء دولة حديثة مكتملة ، وصلبة في اساسات
بناءها دون تعليم ، وإرادة تقف بجدٍ واجتهاد
لصناعة تعليم يواكب متطلبات وضروريات العصر الحديث
.
ولاتعليم دون رؤية صائبة تهدف للنهوض بالواقع
التعليمي نحو مصاف من السمو والعلو والنماء
.
ويجب على الدولة أن تضع الخطط التعليمية الهادفة
، والبرامج التي تساعد في صناعة المعرفة وبناء العقل البشري الصحيح المُعافى
... ذلك لأن على التعليم .. ترتكز التنمية الحديثة التي تنهض بالفكر وتصنع
العقل المستنير والمُفكرّ ، ذو الرؤى الصحيحة التي تنهض بالأمة وتزيد من الإبتكار
والإنتاج .. وذلك لن نستطيع صناعته دون
عقول مُتعلّمة ناضجة ومكتملة المعرفة والبناء
.
إن العنصر البشري المُجيد والمُتعلّم .. العارف
بإصول التنمية .. حتماً سيأخذنا الى دروب يملؤها النور والحياة .. وسيساهم أيضاً
في سُبل العيش الراقي الذي تُبنى دعائمه على أُسس علمية سليمة ... ويواكب التطورات
والمتغيرات المحيطة به .
واذا أرادت المجتمعات الحياة ... يجب أن تضع
علّمٍ يُؤرّث لأجيال ، يُنير دروبها ويخطو بها
نحو العزّة والرفعة والإرتقاء .
إن تخلّف أي أمّةٍ ، أوتدهور حياة شعب ... فذلك
يدلُّ على قصور في الحركة التعليمية لدى هذه الأمة .. وثمّة خلل في دعائمها
التعليمية والتربوية .. ذلك أن بالتعليم
تنطلق الحضارات ، وتخطو الشعوب
بثقة وعزيمة نحو الصناعة ، والثقافة،
والسياسة ... والإقتصاد المدروس والممنهج وفق خطط تنموية شاملة وصحيحة .
ولايمكن أن ننجح في صناعة تعليم في بيئة قلقة في
حياتها .. يشوبها كثير من المشاكل والترسّبات العقيمة .. كالثأر ... فالهدوء والأمان والسكينة يساعدان في تهيئة
بيئة تعليمية معافاة وصحيحة ..
فكيف إذن نستطيع صناعة وتحقيق آمالنا التعليمية
والتنموية ، في ظل تزايد وتفشّي الأميّة بين كثير من أفراد الشعب .. وتزايد حالات
الفقر ، وعدم الحصول على الأمن والأمان ،
والإضطرابات المتزايدة في العيش والغِذاء
..؟
واذا أرادت أي دولة أن تقتل شعبها .. فلتحرمه من
التعليم ... ذلك سيخلق أمّة متخلّفة وبائسة ويصعب تحريرها وتغييرها ... وإن طالها
التغيير فسيكون عبر مراحل وسنين طوال .
فيجب على الحكومة أن تنظر الى الفرد ، كهدف هام
يجب الإهتمام به ورعايته ، ليصنع ويسهم في تحقيق تنمية مستقبلية متطورة وحديثة ،
تواكب التطورات المتسارعة حولنا من حداثة وعولمة ... حيث نكون مسّتعدّين لمواجهة
كل موجات التطور ... بفكرنا ورؤانا الهادفة والمستنيرة .
وإن العنصر البشري هو الهدف الهام والذي ترتكز
على عاتقه عجلة النهوض والتنمية والحياة الحديثة الراقية ... وإن الشباب
الناضج المتسلّح بنظريات التعليم المتطورة
، هو العنصر الذي به ومن خلاله نستطيع
النهوض بالواقع التنموي التعليمي نحو آفاق منفتحة على الآخر الذي نسعى
لنوازيه في التعلّم أو نكون متفوّقين عليه وأجمل منّه كثيراً .
ويجب أن تسهم الحكومة ووزارة والتربية
والتعليم في وضع الخطط المستقبلية الناهضة
.. بالتعليم .. والتعليم الفنّي ... وأيضاً التشجيع والتحفيز على التعليم للفرد
والفتاة .. وبالأخص في الأرياف .. وفي جميع المحافظات ... والذي سيتم من خلاله وفي المستقبل القادم
إكتشاف المهارات والقدرات التي تستطيع الخلق والإبتكار .. وذلك من خلال الإهتمام
بها ورعايتها ..
وكذلك السعي في مساعدة العقول الشابة المنتجة
والفقيرة ، التي لاتستطيع أهاليها تشجيعها ودعمها على استكمال ومواصلة دراستها ،
لفقرها وبؤسها والعوز الشديد الذي يحيط بها كثيراً ، بل بالكثيرين ... وكذلك الإستفادة من تجارب بعض الدول ذات
الخبرات المشهود لها بالنجاح في الحقل التعليمي ، والتي أثّبتت هذه الدول مع
الأيام بنضجها وتقدّمها ، في صناعة نهضة
تعليمية راقية وشاملة ... وكذلك السعي
لإيجاد وتحقيق بيئة خصبة ، وخالية من الإضطرابات والقلاقل التي قد تشوّش على
الحركة التعليمية وعلى طلبة العلم والتحصيل العلّمي ... أيضاً مساعدة وتحفيز
الجامعات في الإهتمام بالبحث العلمي .. وتعاليمه وفنونه ، وأيجاد السبل الكفيلة
لإنجاحه ، لما فيه خدمة الوطن ، واكتشاف من خلاله العديد من المواهب الناشئة
المنتجة والمبتكرة ..
كذلك التركيز بحزم واهتمام على تخريج طلاب من
المدارس ، والثانويات ، والجامعات .. مُتعلّمين ومسّتنيرين .. لاحملة شهادات فقط
.. بل عقول مكتملة وناضجة ، وأرواح ملأى
بالعلوم والمدارك المتعددة التي
تسهم بالنهوض بالأمة نحو مستقبل مُضيء .. يحمل مشعل التنمية السليمة والصحيحة ،
المبنيّة على أسس وأفكار حديثة وناضجة ومكتملة ... مع إيجاد موازنة مالية مناسبة
للصرف على الصروح التعليمية .. للنهوض بها واكسابها المزيد من التفوّق والفرص
المتكافئة الكفيلة بتفوقها ونجاحها ، وإن مراعاة الجودة في التعليم من خلال وضع
المناهج التعليمية الصحيحة والصائبة والمتوافقة مع كل المراحل العمُرية
والتعليمية ... حتماً سيأتي ذلك بنتائج مثّمرة ، تنعكس وتتراءى
من خلال المحصل التعليمي النهائي لكل الدارسين والخريجين .
لذلك ... فإننا حين نصنع تعليماً راقياً .. نصنع
تنمية حقيقية متكاملة التأسيس والبنيان
..!
واذا اردنا صناعة وطن تنموي متعلّم وسليم معافى
... يجب صناعة عقل سليم مُتعلّمٍ ، ينهض ويرتقي بهذا الوطن نحو العزّة والشموخ
والكبرياء .
وحين توجد النية والإخلاص في دواخلنا ، لخلق
تعليم راق يسهم في تنمية وطننا ... يجب أن نصدق في أقوالنا كدولة وحكومة ووطن ....
فنأتي بقرارات هادفة تخطو بنا نحو المجد والرفعة والبناء .