أطياف
...
خالد لحمدي
أطل المساء مداعباً جفون النجوى
والشجن وحوله في الأفق تحّلق نجوم بكل عفة
وحياء .. تغازل بصمت أطيافاً عذبة تنسل وتختفي . لا يسمع سوى وشوشات وهمس تحتضن
المكان برغبة واشتهاء .
كان الكون حينها يقبع في سبات عميق
تشقـه ضحكات لا يتسع لها مدى ، فيعاتب خيوطه في ساعات مليئة بالدهشة والشغف يحاول
أن يبصر تلك الأشياء التي كانت تتراءى له فلا يكاد يرى من نورها شيئاً .
يتسع الفراغ فيمتطي صهوة جنونه
ويرحل وعيونه تعانق أطياف حلمه والمسافات تتناءى وتقترب .
يسعى محاولا الإمساك بتلك اللحظة
المنفلتة التي قد لا تجيئه ثانية فيذوب في نهر من الدفء .. يشهق نشوة وفي داخله
تنسكب ألوان طيفية متعددة فيضيق الكون به .. يحاول أن يزيح عن روحه ذلك التوتر
والقلق فيدخل في عالم يأخذه إلى دهاليز عذبة .. فيستسلم حينها لحلاوة أخيرة لم
يذقها من قبل .
....
تفاصيل
...
خالد لحمدي
اعتدتُ على تحمل ألمي وشتاءات
أيامي القارسة .. ووجع الفراغ والوحشة ، محاولة كبت ذلك الشوق الهامس والأحلام
العطشى .
كنت ساذجة حين ظننت أن الشمس تشرق
ليلاً .
ذلك حين قال لي : سأجعل كل ساعاتك فجراً يضيء كل
شيء حولنا.. ويرحل دون عنوان استدل به إليه .
عذابات ليلي ليس لها آخر.. وثمة
أسئلة لم أجد لها إجابة .. فأقتسم كوابيس الخوف كل ليلة مع سريري , وماردٍ ذي
أجنحة يُحلّقُ حولي مشحوناً حقداً ورغبةً .
أتأمل وجهي في المرآة .
ما عُمر ما قد مارسناه من متعة وبهجة
..؟
أرى امرأة لا تكاد تشبهني .
أضحكُ دهشة , بعد أن كدتُ أفقد
الرغبة في الضحك .
هو بعيدًٌ لا يدرك اللهفة وفزع
الانتظار .
يموت العمر بداخلي , ويطول صمتي في انتظار حلم
قد يأتي بين حين وآخر .
أنتظر مهاتفته كي يسألني عمّا كنت
أعمل في غيابه .
وأظل منتظرة صوته ولا يأتي أبداً ,
فأشغل وقتي في الاعتناء بحديقة المنزل التي اشتركنا في غرس أشجارها .
كل شيء يكبر أمامي .. جميع الأوراق
تخضر وتتشابك بعضها بالآخر , وفصولي يقظة في انتظار المطر .
أعيش الأمل المؤجل وتفاصيل أكثر
مرارةً وقلقاً .
ثقتي المفرطة جعلتني أنثى معطوبة
صمتاً وترهلاً .
ترى ماذا فعلت به كل تلك السنين
وذلك الغياب ..؟
أتغيرت ملامحه أم مازال ينضح كل
شيء فيه بالفتنة والإغراء ..؟
محطاتٌ تحلّق أطيافها بذاكرتي
يشقها جرس الباب .. فأذهب بتكاسل لفتحه .
أرى شبحاً ذا شعرٍ كث وذقن طويلة
يحمل كتباً ودفاترََ كثيرةً
يضمني إليه بشدة وينشج ..
أنا بحاجة
إليكِ أكثر من ذي قبل .
.....
اضطراب
...
خالد لحمدي
حين يتركك من تحبه ويرحل تعيش
الأزمة بمفردك ..
تسهر ليلك وتعانق ضجيج يومك بمرارة
وقلق .
يغلق كل هواتفه ..
لا يجيب عنك ..!
تشعر أن كل أبواب الكون حولك مغلقة
..
تصابُ بالعزلة وتظل روحك متعبة
قلقة ، ويتوالد في داخلك شيء أشبه بالغربة المفجعة ..
تتظاهر بالقوة ودواخلك توشك أن تفضح كل شيء .. فتحاول أن تجمّل رحيله
وهو يدور بجانبك دون أن تشعر به .
صوت النفس المنكسرة يتعالى حدة فيزيد من اضطرابك وقلقك .
يعتذر لك بشيء من الشجن فتسيح ذاتك صمتاً وتلعثماً ويتكاثف في عينيك
فيضٌ من الدمع ينحدرُ بحرارة وقسوة .
تنتحبُ ذوائبك في البحث عنه ولم
تكن قادراً بالبوح بكل مايعتمل بداخلك ..
تستحضر كل المواعيد التي وهبها لك
وقد أشعلت شفتاهُ نيرانَ جنونك حين
أوشكت أن تخمد وتنطفيء .
لذلك تشعرُ بفقده كثيراً وقد امتطى
صهوة ليله مبحراً في أغوار صمته بفداحة وألم .. ولم يترك سوى صوت ناعم يبدّد
اشتهاءك وجوعك .. فتظل مثل بحار
تائه خلف أمواج توقك بحثاً عن دفء يحتضنُ روحك بغواية وشغف ، معزياً نفسك بالنظر إلى الوجوه المتداخلة حولك
.. قد ترى شبهاً لجسدٍ غادركَ وذهبَ
بعيداً .
......