الكوت
ومراث الرحيل والموت .
..........
خالد لحمدي
صحيفة المسيلة العدد = 809 الاربعاء
02/10/2013م
...............
هو الشاعر صلاح أحمد بن محسن علي
لحمدي القعيطي اليافعي .. ويتصل نسبه بأسرة آل أحمد القعطاء اليافعية وهي فخذ من
فخائذ يافع الساكنة حضرموت .. وكان مولده في حضرموت منطقة العنين في كوت آل أحمد مدينة القطن سنة 1257ه –
1374ه حيث نشأ وتربى في كنف أسرته الكريمة
وشب في بيئة تحترم العلم والعلماء وكافة علوم المعرفة . *
ومن معاصريه الشاعر الحبيب حسين بن حامد المحضار وزير السلطنة القعيطية
وعبدالقادر دحوم باجسير ، ومردوف حم ، وعمر محمد باعطوه .. وأثناء اقامته في مهجرة
بالهند كانت له لقاءات بالشاعر السيد أبو بكر بن عبد الرحمن بن شهاب العلوي
الحضرمي والشاعر الأمير حسين بن عبد الله
القعيطي .
لقد كشف الشاعر
عن حبه لوطنه وأرضه وأهله جليا في كثير من القصائد وأهمها قصيدته السياسية الشهيرة
= حضرموت = ونحن هنا نُعرج على جانب الرثاء في شعره .. حين رثاء أبناءه عمر وأحمد ،
وحزنه العميق على موتهم ، الذي وافتهم المنية وهو مقيم في الهند .. فقال في رثاء أبنه - أحمد ..
طلبتك يالذي تسمع الطالب وتعطيه ...
ويلّي مرزق الحوت في الغبه وتسقيه
عسى عفوك لعبدك من الزلات تعفيه ..
وصلوا ع
النبي عـد ماتنعى نواعيه
بني مغراه قال الــذي نومـــه
معاديه .. فسح فينا ونحنا فسحنا كُلّنا فيه
وكثر الـــنوم ماهــــو لمــن
قــلبه يحاكـيه .. خصوص القلب لقد تكدّر وش يصفّيه
ولـو ذلّا عـلى مـال قــلنا لـه
زهـد فـيه .. لكنّه وقع في شبك منه وش يبدّيه
رمانا الدهر ياريتنا أقدر فيه
وارميه .. رمانا في ولدي الذي حبّه وربّيه
ولاأصخى به يحط القدم ع القاع
تحفيه .. ياهافي
على الصوت ريت الروح يفديه
ولو ذا الموت بايندفع بالمال
بفديه .. ولو يطلب من المال لي في القطن بعطيه
مع مال السفوله ولي هو رهن
برديه .. وراضي بالمقدّر ومن له رزق يأتيه
وخل أحمد اذا صاب جنبي برّد
يدفيه .. طويل الباع يؤخذ .. المطلب ومافيه
ولـو ذا فعل مخـلوق باقطّع مساقـيه
.. بصبح له وبكمن ولد للروح شانيه
وبانطعنه لو كان شاهـر روم
حامــيه .. وجع في القلب ياريت حد يقدرّ يداويه
وصوبي ع الكبد ما تحصّل من
يداويه .. كما
لحم الوظم لي على المظباه تشويه
وياحـيّا زمــن مـرّ واتقـضـّت ليالـيه ..
زمن لاتكدّر القلـب قام أحمد يسلّيه
بحُسّن أخلاق يسكن بها الخاطر
ويرّضيه .. مسى في القبر ريت الثرى يدرا بما فيه
لـه الجـنّه تغمــده فـي قــبره
وتسقــيه .. من والده راضي عليه الله يرضيه
حيانا الوقــت وضـيّع .. الدفـتر
ومافـيه .. وراح الحصن لي كان محكومه مبانيه
كما قصر برزان في الشتاء يوم نضويه .. سقطه السيل قُلّنا فداء للرأس يفديه
ولــو نحـــنا ســـلم
بانـسّــرح فـــي مبانـيه .. وعيضه باتقع لي خلا الصندوق يمليه
خـرج ذا فصــل قال الـــذي نظم
قوافـيه .. توجرها ونا كنت كم من شاعر اسقيه
وبـــعد الســاع يالمعتني
بالخــــط بغريــه .. ركب
لك سعف واعبر على بومبي وخلّيه
ولاجيت المــــكلا تفكّر
فــي مبانــــــيه .. ولاتتركه حتّى تـقبّل كف واليه
وبه سلطان عـــدّلي يرحّـــب
يوم تبديه .. كريم النفس وش بايجيب الوصف لي فيه
طويل اليد لو هو جبل شامخ يوطّيه .. قبض لك سعف واعبر على غفيت وأخطيه
مع المدحر بطيء آل باكـــيلي وعدّيه .. ومُــرّ
ع الجـول حـذرك يرّيضنك رواعيه
الى العرقوب تبدي غلوب الحصن
نجديه .. وصح في الكوت بالصوت لي تقـدر
وتحويه
وقل من له رجاء ف احمد
يتقنّع ويبكيه .. وعظّم لجر لهله ولخوانه عـزاء
فيه
وقـل ذا خط أبوكم ولي به قده يكفيه .. يربيكم وصابر لمطلب كان
راجيه
كما الخنساء ومجنون ليلى في
مراثيه .. صبر من
لاقدر لي بغاه الله يلقيه
وصلّوا ع النبي عـد ماتطلع مناشيه ..
( .....................................
)
من عذوبة وصدق هذه القصيدة عزفه الموجع على وتر الألم والجرح
لفقده ابنه أحمد .... ولو كان العمر يشترى
بالأموال لبذل كل مايملك ليسترد ابنه ...
لكن كل نفس ذائقة الموت .... فيُعزّي نفسه بالصبر والإيمان بقضاء الله وقدره .
وقد ساءت حالته النفسية كثيرا من فواجعه في أهله وأقاربه ،، وبينما هو
يحاول أن ينسى عذاباته ، زلزل الموت كيانه ثانية وأخذ أبنه الأكبر – عمر – وأختاره
الى جواره فزادت أحزانه وبكى مرارة وحرقة .. ورثاه بهذه الأبيات من مرثية طويلة
وشهيرة لم نعثر إلا على بعض من أبياتها ...
ابــدي بـمن يعـلــم بخافي
سرّه .. الفرد
لي كل الملا يلجا به
والفي صــلاة اللــه مـنّي دايــم ..
على النبي والأهل والأصحابه
محمــد الهــادي شفــيع الأمـــه .. في يوم كُلٍ مبتلي بحسابه
ثم قال من طرفه زعل ماأغمضت .. عينه وفي جوفه جذن لهّابه
ماتنطفي مازال روحه ع الجسد ..
والكير يرمي بالخشب شبّابه
جتنا كتب من حضرموت امكدّره ..
باحب
لو قالوا غلط كتّابه
لكنّها جت من رجالٍ موثقه .. لاهم كذب ولا أهلهم كذّابه
قالوا زرع الفؤاد ثمرة السوداء ..
توارى
في غميد اترابه
عمر صلاح أبني ومهجة قلبي ..
البكر
لوّل لي دعاني يابه
خلّيت أخوك وحيد ماحد عنده ..
بين الشبك والطوع والكلُاّبه
ماهو سوى تدبر وتترك شيبه .. اذا دعى معاد حد لبّى به
بوجعفر المهيوس ماحد مثله ..
بوجعفر إنّي لاعثرت أعزاء به
يحزن عليه الكوت هو والمثوى ..
والميزر المشهور يكرع نابه
لقد كان متأثراً جزعاً وهو يناشد ابنه - عمـر -
وفي عمق وشدة حزنه وألمه .. على ألا يترك أبيه الشيبة ، فحين يدعي لن
يُلبّي به أحد ..
ماهو سوى تدبر
وتترك شيبه .. إذا دعى معاد حد لبّى به
تكمن قوة ألفاظ هذه الرثائيات في شدة ألمها وكثرة الدموع المنسابة من قلب الشاعر الأب المتأثر بوفاة أبناءه ..
ويستوقفنا قوله المؤلم في رثائه أبنه أحمد ..
وصوبي ع الكبد ماتحصّل من يداويه ..
كما لحم الوظم لي على المظباه
تشويه
لقد اكتسح الحزن جوانحه وأصابه السقم والألم لفقده ابنه .. مما جعل هذه
القصيدة مؤثرة وقوية ، فمسّت الوجدان
وأشتهرت عند عامة الناس لقوة تعابير
جُملها اللفظية الصادقة المؤلمة .
فيقول في أحد أبياتها ..
كما الخنساء ومجنون ليلى في مراثيه ..
صبر من لاقدر والّي بغاه الله
يلّقيه
لقد كُتب للشاعر صلاح أحمد لحمدي الخلود .. ولأشعاره البقاء والمحافظة على أصالتها ، رغم انقضى السنين الطويلة التي قيلت فيها والأزمان التي
انقضت من عمر هذه القصائد ، وقد نلحظ في
بعض اجزاء وأبيات القصائد الخلل والإرتباك في الوزن والجرس الموُسيقي ، وذلك لأننا
تلقينّا هذه القصائد من الحفظة ولم نعثر على ديوانه الشعري الذي قيل بأنه قد فُقد
في الهند .. وقد كانت وفاته في الهند بحيدر آباد سنة 1374ه عن عمر تجاوز المائة
عام .
......................
. منطقة سكن
الشاعر ... كوت آل لحمد .. العنين .. القطن .. حضرموت .
. عن
كتاب - صلاح أحمد لحمدي القعيطي اليافعي حياته وشعره 1257ه – 1374ه ... خالد لحمدي ط
1 = 2002م