عَطَشٌ
.....
خالد
لحمدي
على
جمر الصبر وعقارب الوقت تنام روحي مسهَّدة للّقاء , أنتظر كثيراً ليأتي صوته وقد
نام الليلُ حولي ؛ فأجمّل لحظات وقتي بتراتيل بوحه , وأحتضنه برغبةٍ واشتهاء
يُطفئُ بداخلي حرائق الشغف وليالي الانتظار . ذات ليلةٍ قلتُ له : أود أن تمنحَني صدرك كي أغفو عليه وأنام ،
وأترك سفني في مياهك تذهب بي كيفما تشاء. فلترأف
بي قليلاً , فحين اهتديتُ إليك صار فرحي لا يتَّسع له مدى. أحقاً
بعد كل هذا العمر والأمنيات العقيمة ، أجد صوتاً يُخرِجُني من مضايق حزني ، وأرى
عمري الذي أضعته بين براثن كهلٍ لا يجيد سوى شيءٍ واحدٍ , وينزوي خلف رجولةِ كابئة
؟
!لستُ في حاجةٍ لشيءٍ ، سوى رجلٍ يأخذني من يدي
ويطير بي , يلوّن حلمي بزخّات مطره ، وانهمارات دفئه ، وأنفاسه العابقة باللذة
والاشتهاء
. هو أنتَ , رغم شُحّ كلِماتك ، تَظل مفرداتك
وجُملك تشعلني ، فأموت عشقاً ولهباً . أتُرى بماذا يُخبرك قلبك ويُحدّثك عنّي؟ أعترف باندفاعاتي
وحماقاتي الكثيرة . لا أعي شيئاً مما أرتكبه تجاهك , وأجد يدي تطلب رقمك , لا أفكر
حينها في شيءٍ سوى صوتك وهو الأهم من كل شيء. ولتثق
جيداً أنِّي لستُ ممن تهِبُ روحَها لكلِّ قادم سواك , حين عصفت زوابعك بأعلام
قلاعي , وتفجّرت ينابيع أرضي حُباً وولهاً لا ينتهي . لن أسامح من تسبّب في قتلي باسم الطهر, وبروتوكول القبيلة ،
وأماتني لينسى كوابيس وهمه ، ولم ينظر لحظة نحو ملكوت السماء! هدأت
براكين خوفي وغضبي ؛ حين قلت لي : أميرتي .. لكِ ذلك وأكثر .. فقلت لك : مليكي ..
أنتظرُ مرورَ أحصنتك وموكب ركبك ؛ لأنظر الدربَ , وتأتي في غفلة من كتائب العسس
... كنت في أوج توجساتك وقلقك .. والجوع يضرب شتاءات ليلي .. فأُطمئنك .. بخلو مملكتي من الغرباء.. فلتلبسني
ثيابي ، وتاج مُلكي بيديك , ونحتفل بعيد الجلوس على العرش بعد عمر من العذاب ,
فغرف القلب مشرعة كي تطأها قدماك ، ونطوف معاً طواف اللقاء .
أفتقدك كثيراً , وذبذبات صوتك تأتي متقطعة ,
فأقول لك : لا تخفْ , سنكمل ما بدأنا به . فتُجيبني نعم , فأوضِّح لك بشجنٍ : الآن
صوتك أكثر عذوبة ونقاء ؛ فتصمت وباستحياءٍ تجيب : فليذهبْ عنكِ شبحك الكهل ،
لنزفَّ النورَ دون خوف أو حياء .