ترف
..
خالد لحمدي
لاتزال الطفلة
المدللة وكل ماتأمر به يستجاب دون نقاش أو
جدل .
تأخذ كل شيء
ترغب به وتهفو روحها إليه .
كل الذين
يعرفونها يدركون تكاثف الولع بداخلها .
يتمدد كل يوم
ويتصاير غيوم وفضاءات تملؤها النشوة وكثير من القلق .
وحين كبرت كبر معها وتفتّح كل شيء .
تقنّعت
بالأسئلة ومطاردت أضواء الترف ، متخطية عتبات المنع وأسوار الإنكفاء .
في غفوة الحلم
تسافر كفراشة والهة للنور وعطشى للأرق .
يتكحل الفجر
بأريجها الطاغي ، فيراوده الشوق لتمشيط جدائل الليل والمساءات الراعشة بالدفء
والشجن .
تنفتح منافذ
الكون فيعبرها بخيوله في عتمة الأعين
وغفلة العسس .
يغتبط للندى
المختلط بتأوهات الروح المغتسلة بنزف العطش واشتعالات الإشتهاء .
يُنتهك السر ،
فتنزف الشعاب باللذة والرحيق ، فيخضر اليباب بشيء من التخَلقِ والنماء .
تبكي السماء فتتلعثم
الشفاه النازفة بالنشوة ، ويخرس الهمس وتسترجع الأرض صوت الصدى .
تنطلق النايات
لذلك الآتي ، ويظل خنجر الإنتظار يلكز
دواخل الغنج المتوّج بروائح الرمل المعتّق بالدمع وانهمارات البكاء .
تستعذب العزلة
والأرصفة النائية ، وعيونها شاخصة في الوجوه المصبوغة بالمساحيق والرموش المصطنعة
، فتزيدها جنوناً ووجعاً
وندم .
تتوهم الأصوات
المنبعثة حولها قدوراً من الجمر تقذف حياءها وتشعل بداخلها حنين المرارة وانبجاسات
الوجع .
وللزمن خطواته
الناسجة تمائم الخوف وولائم الفجيعة وشتاءات الألم .
يحتدم جنونها ،
فيطفو الزبد ضفافها وأمكنتها .
تقبع داخل
ذاتها لائكة حزنها وبعض التسابيح المتخلّقة في لحظات التوحّد ومتاهات السؤال .
تتمرأى بالصبر
وتتململ على اجنحة التوجّع ومساءات الضجر بعد أن بدأ يزحف نحوها شيء عصي تصحبه لذة وزفرات ألم .
على باب أحد المساجد ذهل المصلون عند خروجهم بعد
أداء صلاة الفجر .
لسماع صوت طفلة
مغمضة العينين ، تنهشها الريح ويبكيها الخواء .