الخيانة امرأة
      ...

                                                                                                                   خالد لحمدي


إلى كل كاذبة تتجمّل بالصدق ودواخلها ملأى بالكذب والرياء  ..!




علياء ..!
أيها الوهم الزائف والسراب اللامع بالظمأ والماء  ..!
أيها الفردوس المليء بعصافير الخوف وأشباح العتمة المسافرة في ليل بائس الوقت لا يذهب أو ينجلي  .
شكراً لكِ ..!
حين كنتِ تحلّقين بأجنحة من نور  داخل أفياء  حدائقي  بوله وغواية ..!
وها أنت الآن  تسرقين ثماري وفاكهتي  وما تدلّى  بأشجاري  ولم تبقي على أي شيء  .
سطوة الملك ورغبة التملّك  وشراهة الاحتواء  تأخذك  فتزيدك تواطؤا مع سحر إبليس واغراءاته المتزايدة  .
لقد أدركتُ أخيراً ..!
أن كل انكساراتي وخيباتي وكل الأكاذيب المرتكبة منك التي تقع كل يوم أمام عيني هي واقع وحقيقة ..!
ليس حلماً أو وهماً كل ما كنت أعيش كوابيسه المخاتلة ، بل حقيقة مرّةً لا تكاد تبتلع أو تنهضم  ..!
علياء ..!
حلمي الشائك وإرثي الذي أعماني  طول عمري وأضاع  كل فرص النجاة التي ارتسمت أمامي بصدق وقوة ..!
لقد أدركت مؤخراً  أن  ابليس  هو  أنتِ ،  والخيانة تتقمص دائماً ثوب الطهر والعفاف وترتسم على وجهك ، وبين عينيك ألحظ  نورا  يشع لا أكاد أفهم أو أستطلع منه شيئا سوى  جزمي وتأكدي بعد كل هذه الاحتكاكات الملتهبة والإيماءات المربكة أن  الخيانة امرأة بل أكثر  من كل  ذلك  ..!
فأنت جمرٌ لا يُرى ..!
جمرٌ  ملتهب  ومشتعل  تحت  رماد  غُمر  بالتراب  وكثير من الصخور  والأتربة ..!
تتشممين بشراهة ريحا آتية لتشعلك من جديد فتزيد سعيرك ولهبك ، فتحرقي من حولك حقداً وانتقاماً لتعويض ما فاتك في أثناء غفوتك وسباتك في أوقاتك الفائتة ..!
هل أخبرك أنني أخيراً علمتُ بكل هذه الحيل والأكاذيب التي لم أكن أتوقع أن أرى مثلها أو أصادفها ذات يوم ..!
كل هذه التفاصيل قرأتها ومازلت  أقرؤها في عينيك ..!
في همسك وصوتك ومهاتفتك لي ..!
أول ما تبادرينني بالقسم بالله ..!
أدرك حينها أنكِ كاذبة ..!
كاذبة ولا تعلمين أن حدسي يخبرني بكل شيء ..!
أعرف الأشياء من وجوهها وأصواتها وهمسها ..!
بل أكثر من ذلك ..!
من خطواتها حين تمشي ..!
الهدوء والخفة والإبطاء والارتباك ، تلك سمات تدل وتخبر بما في  دواخل الروح ، وتفصح عن خفايا وصفات صاحبها  ..!
أيكفيك ذلك ..؟
كنتُ لك  ورقا في كتاب أبيض، ناصع البياض والنور ، مفتوح أمام عينيك يقلب الريح صفحاته كيفما شاء وكيفما أراد  ..!
كل شيء مكشوف وواضح بين السطور الملأى بالاحتراقات وكثير من الألم  ..!
ذلك موجع حين تجف مياه بحارك وتقف على ضفافها وحيداً ، منتظرا  قادماً يأتي لينقذك بقطرة ماء  أو يقلك معه إلى حيث يكون  ..!
تتأمل بصمت ودواخلك تلتهب ، وعيناك تنظران في كل اتجاه ولا مجيب  سوى الصبر واحتراقات الانتظار  ..!
ذلك هو البؤس وتلك هي النهايات البائسة ..!
علياء ..!
أيها السراب المسافر بعيداً ..!
لن تقف يوماً ولن تتوقف ذات يوم ..!
أدرك كل ذلك  ..!
ومدرك بأن جروحي ستظل نازفة بكثير من المرارات والألم ..!
ولكن ..!
أتعلمين ..؟
لن أنتقم أبداً فحبكِ حياة مستحبة ويجب أن أعيشها شئت أم أبيت ..!
ذلك أنا ..!
لم أعتد القسوة ولا أجيد ممارستها ولا أعرف ألاعيبها وفنونها ..!
ذلك أجمل كي أستمر في عشقك ويستمر شلال دفئك الشقي في الجريان رغم حرارته الآسنة المحرقة لضلوعي ودواخلي ..!
ابقي كما أنت ِ..!
ولنبق نتعايش ونتقاسم الطهر  والفضيلة  ذلك  أفضل وأجمل كي نحيا بقليل من العدالة وكثير من الإيمان  .

   







المشاركات الشائعة من هذه المدونة