أسماء

...

خالد لحمدي

تُفاجئني جُملك ومفرادتك كثيراً ، تتزايد يوماً بعد يوم ، ورغم كل مايصدر منك تظل روحي مُعلّقة بكِ وغصّة في القلب لايعلمُها سواى ، ومدادي الذي يسيح على لحم الورق ؛ يشعر بي وبتوجعاتي المريرة . الورق يحتضنني بشوق وكبرياء ، يمسح دمعي المنسكب .. يُطفئ حرائقي وتشظياتي ، يمسح على رأسي ، فتذهب ظلمة ليلي ، وتظل رسائل بوحي على ضفاف الخوف , وصقيع الجوع مسهدة بالبُكاء .. ياالله ! الأسطر ترأف بي , وجسد أعشقه يصرخ في وجهي .. وش فيك , ألا تثق بي ..؟ لم أعتد قسوة وخشونة كهذه ، وسأدع قصصي تقف وتُدافع عنّي حين أحتاج للكثير من الكلام .. صمتي أجمل من كل مفرداتي ، وقد تعرّت أحرفي لتُدافع عن مكنونات ذاتي ، في حين أفصحتُ لكِ في وقت مُبكرٍ إنّي أحبكِ .. لم تساورني لحظة من الشك تجاهكِ ، فقط أحتاج إلى عمري لأرمم به شرخاً يعاودني، ليكسرني .. فأدعو بصوت حذرٍ وقلِقٍ .. أحتاج إليكِ ، بل أحتاجُكِ معي .. فيأتي صوتُكِ مُحذّراً ومتوعداً .. يجب أن تثقَ بي ، فلا تكن أنت والأيام والزمن .. أسماء .. عمري .. للبُعدِ حنينٍ وجرمٍ قاتل مُتلبس بجرائم عدة ، يسعى لكسري , وأنتِ في شططك ولغوك لا تكادين تفهمين .. ما أوسع الكون وتقلّبات اللحظة ! لايمكنني أن أصدّق أنكِ أنتِ التي إليّ تتحدثين .. هذا الصوت كاذب .. قرينك المُسيء .. كيف تجرّأ لسانُكِ .. ليُخاطبني بكل هذه القسوة والكبرياء !؟ أو يَظلم روحاً أحَبّها وهو الذي لم يظلم يوماً أحداً .. فكيف إذن حين تكون أنتِ التي أحبها !؟ صوت الفقدان والوحشة تأتي به رياحك نحوي ، فأسعى لعمل شيء ؛ فتمنعني حواجز وألغام كثيرة ، تتزايد أشوقي وولهي ، وأسرج جنوني .. فترتبك خطواتي وتُعاود بي إلى صحراء عطشي وظمأي فيهزأ بي الواقفون .. أسماء , حياتي وجرحي , عذبة هي اللحظة التي نشعر فيها بأن هُناك من ينتظرنا على جمرٍ من الصبر فلا يغفو أو ينام .. رائع أن تشعر بحُبهِ في دمك ، وأنفاسه تُحلّق حولُك بلهفة وغواية .. تكتشف فيه ما تحتاج إليه، يحتضنك بعشق وسمو وكبرياء .. أو هي تهمة هي أن أغار عليكِ وأحبُكِ بصدق ونقاء ؟ حُبي هو نقطة ضعفي ، فلا تحاولي أن تستغلّي ذلك .. وأعلمُكِ أنها سوف تنهار حتماً كلُّ عروش الزيف , وممالك العشق إن لم تكن صادقة مكتملة .. أعلم إنكِ تعين جيداً خوفي وقلقي وتساؤلاتي الكثيرة .. ليس لشيء .. بل لحبي وحاجتي إليك ، وشعوري بابتعادك عنّي كثيراً .. لستُ أعلم بما يدور بِخُلْدِك ، ولستُ ساذجاً لأُصدّق ما تقولين ، فمشاعري لن تخذلني ، وأجزم بصحة خطوي ومسالك خُطاي ، ولا زلتُ أتذكرّ قبل عمر من العشق ، حينما تسلل صوتُكِ إلى شرايين وأوردة قلبي ، مكتسِحاً قلاعي وحصوني وأسواري العتيقة ، وكان أجمل حب ووعدٍ مُحمّلا باللذة والتفاصيل . اليوم .. اليوم فقط .. حينما شعرّتُ بفقدكِ وبُعدكِ ، وغياب صوتُك عنّي لياليَ كثيرة ، وسألتُكِ عن ذلك مراراً عديدة .. فتصطنعي أعذاراً واهية ، أتجرّع كؤوس مراراتها بصبر وصمت ، لعلّ في الفجر شيء يَشفي علقم الانتظار.. مُصابي وخطبي جلل ، وهزيمتي لا تتسع لها أرض ولا سماء .. كُنت أظن أن ثمَّة طارئاً حدث أو سيحدث .. فألححتُ لمعرفة واكتشاف ما عسى أن يكون ، وكانت خيبتي لا تُحد ، وأنا العاشق الذي أُصيبَ بكِ وأحبّكِ باندفاع وقوة .. أسماء , حبيبتي .. أجمل النساء في مدينتي .. نحنُ مُصابون بحُمّى الحب ولن نكون إلا لبعضنا .. أوجعني حديثك وردّة فعلك المعاكسة ، بأن ظرفك المالي سيئٌ ولا يسمح لكِ بمُحادثتي .. لماذا لم تُخبريني بذلك ، مهبولة أنتِ ومكابرة .. منذ عام ونصف .. تمرُّ سهراتنا من غير أن نشعر بها ، بعد كل هذا .. استطاع لسانك أن يقذفني بعبارات حارقة لم أستوعبها , وكانت صدمة لم أفق منها إلا بعد زمن من الوقت .. وبرغم كل شيء .. أشتهي أن أنسى ما حدث ، لنعيش وفق رغباتنا الملتهبة المتنامية .. فلتكن إذن سنة حُبٍ ، فالأيام لا تتشابه ، وسماؤنا ليست ضيّقة ، ولنترك العُزلةَ ، ولا نقتل الكلمات على شفاهِنا ونعيش مثلما نرغب ونُريد .. كئيبة هي روحي حين ذهبت ضحكاتك .. وماتت قصائدي أرقاً وتعباً .. متواطئٌ دائماً معكِ قدري ، فأغدو الجلاّد وأنتِ الضحيّة ، بينما ذلك هو العكس .. فليكن إذن حوارنا أكثر اتزاناً وتمدّناً .. وكثيراً ما أكدتُ لكِ وهتفتُ عالياً : أحبُكِ , أحبُكِ .. ولا زلتُ إلى اللحظة بشراً .. يؤلمُني قلبي كثيراً ، لحماقاتك وغضبك ، فأُعزّي روحي بصوت غنائك وشدوك في مواسم ربيعي ، وهمسات ليلك العذبة الناعمة .. أسماء .. فجري وعمري .. أو لم نكن نعشق [ بعضاً ] ؟ فلِماذا تأتِي لحظاتٍ أشعُر فيها كأنكِ جُننتِ أو جننتُ أنا وفقدت صوابي ؟ وأرجع لأُجبّر كسري بحُبكِ المنهمر على ضفاف روحي فأنسى انكساري ولحظات خيبتي . وها هو عام جديد ينفذ إلى أرواحنا في خضم انشغالاتنا وسقطاتنا المتلاحقة ، وقد تعبتُ عشقاً وشوقاً وتوقاً إليك .. ألا يكفي هذا ؟ لم أعد قادراً على الصبر والتحمّلِ .. وأرغب كثيراً أن أهرب معكِ وإليكِ .. البوابة الوحيدة التي لم يستطع الزيف إغلاقها أمامي .. ملاذي وملجئي الأخير أنتِ .. فلتثقي بي .. فلم يعد لدي متسع من الوقت لهرطقاتك السقيمة .. فثمّة عام من الحب .. ربيع من الشوق قادم .. افتحي ذراعيكِ وحضنك .. واحتويني .. ولنندفن جنب بعض فكِلانا في حاجة للدفء وبياض الزفاف والزغاريد الناضحة بالولهِ والشجن  

 .