نَبِيلُ الفَقِيه

شَمْسٌ تُهادِنُ صَهِيلَ السُّؤَال
...


خالد لحمدي


صحيفة المسيلة العدد ( 825 ) الأربعاء 26 فبراير 2014م

....



للسياحة أهمية بالغة لدى الأمم والشعوب ، حيث تصنع الدول عوامل الجذب للزائر والسائح وتعمل على ترغيبه وجذبه اليها ، لما لذلك من فوائد وعائدات مالية واقتصادية لهذه البلدان ، وهي وسيلة من وسائل التعريف والمعرفة والترغيب في التواصل بين شعوب الأرض ، وهي السفر والتنقل الى أوطان وأمكنة متعددة بهدف الاكتشاف والتعرّف على شيء مغاير لم يسبق رؤيته من قبل ، وإن في رؤية الأمكنة والمآثر والمواقع التاريخية والأثرية كثير من البهجة للروح والكثير من المتعة والبهاء ، وهي جسر من جسور التواصل بين الحضارات والثقافات ، وتهدف الى تطور ونمو المجتمعات نحو التقدّم والرخاء .
وفي وطننا كثير من عوالم الجذب للسائح والسياحة ، كالمواقع الأثرية والأمكنة  التاريخية والمدن القديمة والعمارة والفنون الشعبية والمحميات والعادات والتقاليد والحِرف والأزياء والملابس التقليدية المميزة لكل مدينة ، والتي عُرفت بلادنا بكثير من  هذه الأشياء الفريدة والنادرة التي تميز بها اليمن واليمنيون .
وكانت السياحة في بلادنا في أوج مجدها ورقيها ، حين كان الأستاذ نبيل الفقيه وزيرا للسياحة .. تعيش  عصرها الذهبي ، وإن حدثت بعض الاختلالات الأمنية المؤثرة على السائح  القادم من خارج اليمن .. إلا أن عوامل الجذب والترويج السياحي للأفواج السياحية وعشاق السياحة والسفر حينها كان مُحفزا ومشجعا للزائر  من قبل الوزارة ومكاتبها ، وأيضا لليمني الذي يعشق التعرّف على حضارة وتراث بلاده ، وإن الكثير منّا يجهل كثيرا من المواقع والمعالم المدهشة والرائعة في وطننا ، حيث  تحُول بينه ومعرفتها ضروف الحياة وانعكاساتها على الروح ودخل الفرد ومعيشته اليومية  .. وثمة وزارتان تركتا بصمة في عقل السائح والزائر والمثقف والقادم من خارج اليمن ، وأيضا عُشّاق الجمال والسمو من داخل اليمن .. وهما وزارة السياحة ووزيرها الأستاذ نبيل الفقيه في فترة مضت ، ووزارة الثقافة ووزيرها الأستاذ خالد الرويشان سابقاً وسأفرد له مقالا لاحقا ، ذلك لقربي وانتمائي الى هاتين الوزارتين .. وهنا أتحدّث عن فترة الأستاذ نبيل الفقية كوزيرا للسياحة ، ومانفث من روحه خلال فترة عمله ووزارته آنذاك .. كان شمس تُهادن  واقع مُتقلّب ، وصهيل لايبرح أن ينبثق من بين الأكمة ، وأسئلة وتخوّفات تمتلىء بها عقول وقلوب كثير من البشر اللذين لايعرفون عن اليمن شيئاً .. وحين جاؤوا تفاجئوا بعكس ماسمعوا عن اليمن واليمنيين .. فقد صنع الأستاذ نبيل شيئا جعل لليمن مكانة سامقة بين شعوب الأرض ، فتوافدت كثير من الأعين العطشى ، قادمة من أصقاع ومواطن بعيدة لترى اليمن ومعالمه وتاريخه وارثه الحضاري على مر العصور .
لحظات رائعة حين  تأتي الوفود السياحية  من كل العالم لترى اليمن .. نلحظ السائح يقف أمام كثير من المعالم الأثرية والتاريخية ليلتقط صورة لينقلها الى بلاده ، كسد مارب العظيم ، أو لحظات المغيب على شواطىء بحر المكلا ، وحصونها وقلاعها ومعالمها التاريخية ، واشهرها حصن الغويزي ، أو باب اليمن ومايحوي من صناعات وحرف لايزال صانعيها يجيدونها بمهارة واتقان ، أو صهاريج عدن وقلعة صيرة ، أو شبام كوكبان وشبام حضرموت ، وكثير من المعالم والفنون والتراث اليمني ، الذي لازال يمارسه ويحتفظ به اليمنيون .
مايحزُّ في النفس ماوصلت اليه أرواحنا ومحافظاتنا من بؤس وقتل للجمال والسياحة .. وقد كان لما يُسمى بالربيع العربي  وماتركه من قلق وانفلات أمني وانحدار في الفكر والرؤى أثرا كبيرا على السياحة والحياة في كل محافظات اليمن .. فثمة شلل كُلّي يكتنف السياحة ، والثقافة ، والعقل المُثقّف ، والُفكرّ والابداع .. ثمة أزمة جمالية تعيشها أرواحنا ، صنعتها عقول تعشق الهدم ولاتُجيد  فنون البناء ... فقد كان عصر جميل يسكن  فينا وانسحب نحو هوة سحيقة وصرنا نعايش زمن مليء بالقنوط والجدب والألم .. ذهب الجمال ونفذ القبح الى دواخلنا وأزقتنا وأمكنة بوحنا وشططنا .. هاهو الربيع الملتهب يلتهم كل شيء ويقتل النور في عيون عُشّاق السمو والبهجة ، ويذبح العطر والياسمين  .. ثمة سياحة كانت هُنا ، وأرواح تعشق الجمال والابداع والنقاء ، وتنشر خيوط ضوءه في أفاق رحبة  تُقدّس المعنى وتُجيد التعامل مع الأشياء .. تحية حب ووفاء للأستاذ نبيل الفقيه .. لقد كنت جميلا ، ومررت هُنا ، بأناقتك وبهائك الذي لازال يسكننا وينغمس فينا بدهشة وبهاء .. ورغم كل شيء نحن متفائلين بمستقبل يحمل كثيرا من السحر والضياء  ، ونرى صناعة للسياحة والحياة أيضا ، ترتقي بتاريخنا وحضاراتنا الغابرة وعصرنا الآتي الجديد .              










المشاركات الشائعة من هذه المدونة