أو لستِ أنتِ ..؟
..
خالد لحمدي
صحيفة المسيلة
العدد ( 822 ) الأربعاء 5 فبراير 2014م
..
وحيدا يُهاتف سديم ليلٍ
مُعفّر بالمُحال والقلقِ ، مُثقلٍ بجرحٍ
لايشفَ أويجف ، مُتلفّعاً بجنون
الصبرِ وحرائق الغياب ، ونثار وعدٍ
يتراءى
كسرابٍ يذهب ويجيء .. يهاتف طيفاً أحبّهُ كثيراً وصار لايُغادر ذاكرته وروحه .. يتنامى
بداخله ، يسمو ويكبر ، ولايستطع أن يُمسك
من خيوطه شيئاً .. تتزايد بداخله اضطرابات جنونه وتوجساتِ ليلٍ أصم .. هو يعلم أنُه أحبّها واشتعلت مفاتنها في دمه ، فصار محاصراً بزغاريد الموت وهمهمات
الرحيل ، وفي عينيه يتكاثف الشوق المُخضّب بأسوار المنع وحواجز الانكفاء .. يسمعُ
في الأصوات حولهِ شبهاً لصوتها ، وفي
الوجوه صنوا لوجهها .. ضحكاتها البعيدة تتساقط على مضايق
دربه ، فتخضرّ ارضه وينبجس من رحمها الماء .. هو
لايرى شيئاً سواها ، فيبني اعشاشاً لعصافير حلمه على نهر تتدلى على ضفافه النجوى وعيون الشجن .. يكتب التاريخ في سجّلات
أنيقة هواجس تتسامق ممالك ومدناً ، يطوف بجنباتها ضباب وجوع يقتل الأحرف واللغات ، وتظل
الأماني تتهجّى بنزفٍ وفي احشائها هديل مُفضّض برغبات حيرى وجبال من الوله .. يسرج
صهيل ليله ويرحل ، فتلتحم خطواته
بظلال كثيفة فيهجس
بشغف .. أولستِ أنتِ من تُلملمُ
سنين جدبي ، وتتشرنقين داخل روحي بتوتر وحياء
..؟ تجيبه ببرود وهمس .. سأراك من شرفتي أيها اللحن الحنون .. تغتسل الأرض بغيوث
امطاره ، فيهذي بوجع .. الآن ادركت توقي وولعي بحلم قد لايجيء ، فكيف لروحي تذهب لتمسك بالشحوب
والضوء ..؟ ويتوسدُّ حينها حواف جرح
يلتهب شقاوة ويلتحفُ السماء .. يغوص في
غبار وقفار من الضجر ، وعلى مشجب الحُزنِ تُرتّل روحهِ نشيد التمنّي ولحن الرجاء .. تتجاذبه الطرقاتِ والأرصفةِ ، وتحت نافذة
مغلقة ارتكن بجسده ، وقد بدأ يخلع حزنه بضحكات تهاوت مع بزوغ قبس من ضياء .