أبي
...............
خالد لحمدي
23/06/2013م
صباح يوم الأحد
يوم وفاة أبي ..
...
أبي , يا أبي ..
عيناي تبكيان ودفاتري
ومحبرتي ، وقلمي الرصاص
مُدْماة جرحٍ على مكتبي
.
أحقاً ما قاله لي
الرسول
بأنك متّ يا أبي ...؟!!
إلهي استعدت أمانتك
ولكنني لا أستطيع
الوقوف على هذه الأرض وأبقى وحيداً
بدونك أبي ..
ففي البيت عطرك وصوتك
باقيان , وآثار قدميك لن تنمحي ..
أبي . يا أبي ..
أبي . يا أبي ..
في رحلتك كم تمنيت أن
أكون معك ..
أو أن أذهب قبلك وأنت
تبقى لنا يا أبي ..
ملابسك في كل زاوية هنا
..
وكل الزوايا تشير إلي
..
هنا كان يجلس ويضحك أبي
.
مفاتيح سيارتك هي هنا
وصورة وجهك ذاك النقي
..
أبي . يا أبي ..
أبي . يا أبي ..
أُحدثك بماذا بماذا
أُخبّرك ..
يا تاج رأسي المُذهَّبِ
.
أنا في انتظارك على كأس
شاي تعوّدت أن أشربه معك ..
وأنت تجلس بجانبي ..
فما زال كأسك في
انتظارك يبكي احتراقا ولما يبردِ بعد ..
وعلبة السكر الأبيض .
مثل قلبك الناصع البياض
.
لا زلّتُ بها ممسكاً كي
أمدّها اليك .
لتختار أنت وتأخذ يدك
ما ترغبِ ..
أبي . ياأبي ..
فراقك موجِعٌ مؤلمٌ ..
وسفرك المباغت سكاكين
في القلب ..
آهٍ يا أبي ..
من لي سواك ؟
لقد ضاق بي .. زماني
ودهري وكل ما أرى
سواداً وغيماً وليلاً
طويلاً وفجراً مليئاً بالمواجع ..
آهٍ يا أبي ..
بَعدك أشعر
أنني قادمٌ إليك استحثُّ
الخُطى .
نعم يا أبي ..
وها هو صوتك يأتي إليَّ
:
يا أبا سعيدٍ بِكري
الذي
أول ابنٍ دعاني أبي ..
فلا عيش بَعدك !
وكيف يكون وأنت الحياة
نعم يا أبي ..
سواك بقلبي لا يساوي
شيئاً ..
فأنت وجودي ولا شيء بَعدك ,
فنم في جنان الخُلد
وأهنأ ..
ولك كل لحظة ..
أدعو
وأدعو ..
بأن يسكنك العلّي
الغفور
الفردوسَ مع الأنبياء
الصادقين ..
لأنك عمري وروحي أبي ..
سأبكيكَ حتّى تجف
العيون ..
أبا خالدَ يا طبيب الفؤاد ..
فؤادي بعدك جرح عميق ..
ولكن أيمان قلبي كبير
..
ولا اعتراض على ما قضى
به الله .
أبي . يا أبي .. يا سمائي وأرضي ودنياي والنور
أبي . يا أبي .. يا سمائي وأرضي ودنياي والنور
الذي كان ينير كل دروبي
ومسالكي ..
شتائي ينهشني يا أبي ..
ولم يبق في العمر غير
حينٍ .
وألحق بك , نعم يا أبي
,
فدفئك فاتحٌ لي يديه ..
كي يحتضنني وذا مطلبي
..
وعمري أضحى مترعاً
بالنزيف ..
وشمس حياتي دنت للكسوف
.. وأوشك عمري أن يَغرب ...
أتدعُوني ..؟
إنني طائعٌ لأمرك وكل
ما تقول لي ,
فصوتك يشغر كل المكان ,
فما أعذبه صوتُك يا أبي
!
سآتي إليك قريباً
قريباُ فروحي إليك مشتاقة
كثيراً كثيراً نعم يا أبي ..
فمن بعد هذه اللحظة لن
أكون
وحيداً
لأنك حي معي ..
فها هي ظلالُك أسير بها
وتخطو معي إلى جانبي ..
إليك حبيبي أنا قادمٌ
دقائق
ثواني
فقط يا أبي ..
فيا سُعد قلبي حين أراك
وتنظر إليك عيناي
نعم يا أبي ...
فدعني أمسك أصابع يدك
..
وأُقبّل رأسك الأشيبَ
..
أنا متعبٌ
متعبٌ يا أبي ..
ودربي ضبابٌ وغيمٌ كثيف
..
وخطوي يسابق زماناً
رديء ..
فأهلي نيامٌ وأنا يقظٌ
وليلٌ مخيفٌ يُحلّق
حولي ..
فأبكي أبي ...
كرهت المكان
وعافت روحي وسائدي ..
فهاتفك صوته يرنُّ
يرُّن ..
وأسمعه يهمس بجانبي ..
أطلُّ برأسي من شبّاك بيتي ..
لأنظر عربيّتك صفراء
اللون
لأصعد معك ..
وتسرع بي ..
أبي . يا أبي ..
أبي . يا أبي ..
أثمّة شيءٌ نسيتَ أن
تقول ..
تذكّر ..
تذكّر ..
فإني الذراع الأيمن لك
..
وطائرك البكر الأزغب ..
أبي . يا أبي ..
عنك قط لا يُغني شيءٌ
..
فجرحي بعدك
عميق عميق ..
وعيناي تبكيان لوجع رحيلك ..
بلهفة ابنٍ
ووحشة نبي ..
وإني أرى سوادا كثيفاً
يُحلّق حولي ..
ويوشك أن ينهش أضلعي ..
ويعصف بي ..
لأني افتقدتك ..
وقلبي يفيض اشتياقاً
وحباًّ ..
وقد قيل للحب أنه غبي
..
نعم قيل لي ذلك يا أبي
..
لأني أًحبك حباًّ
كثيراً
اتهموني ..
إني غبي ..
أحقاً إني كنت يوماً
غبياً ..؟
إذن ألفُّ مرحاً بكل
شماتة ..
ولو قيل عنّي بأني غبي
..
فهل تدري أني أشتمُّ عِطرَك ..
ورائحة ملابسك القديمة ..
واسمع صوتك يجيء هامساً
..
ندي التحايا على جنح
غيمة ..؟
أبي . يا أبي ..
أحقا ما قاله لي الرسول
..
بأنك قد مت يا أبي !
محال !
أنت في القلب
لا لم تمت ..
وقد كذب من قال مات أبي .
..