الأستاذ عمر على بن وبر
ذاكرة أمة وعيون مدينة لاتنام
...
خالد لحمدي
صحيفة المسيلة العدد ( 835 ) الأربعاء 7 مايو 2014م
...
لم يعرف الوهن ولم تتسلل الى روحه التجاعيد وظل صوته يخترق بكبرياء زحام
الدهر وضجيج الزمان ، ولازال كالغيم يُمطر قيعان مدينة أحبّها بكثير من الصدق
والبوح وينبش في ذاكرة تعي الكثير من الأشياء
.. تحت جبل مدينة والهة غرس حدائق وروده وعلى جدرانها رسم صور لحياة ملأى بالوله
والحنين .. واضح كالشمس لايراوغ ولايعشق الأقنعة ، وقد عشق مدينة ظلّت تُلاحقه بفيوضها
وتشظياتها ، بمراراتها وقلقها ، بأفراحها وتوجعاتها ، وظل يطوف ويُحلّق في ذاكرة
المعنى ، ويُعطرّ وجه المدينة بأزهار روحه ، وحنينه لمدينة لاتنام ، يضيء ليلها بقمر
مُسهد ، ونافذة مشرعة ينفذ من خلالها ضياءه ، ليسكن الأرواح والأمكنة ، فتخضرّ
الأماني وتزهر الفصول .. وخلف بابه كُتب وأحلام وذكريات وتاريخ يهجس بحقائق مسافرة
لايدركها الكثيرين ، وبدونه تبقى المدينة غائبة ،
وتحضُر حين حضوره ، فتتكاثف غيوم الدهشة
وتحتسي العبارات والجُمل الهاربة الحاضرة ... تُخاطبه بعشق .. أنت النور
وعيون الفجر وانهمارات الندى .. لما يحمل بداخله من سمو وجمال وثقافة ورياضة
وابداع يسمو بالعقل ويرتقي .. الاستاذ عمر
علي بن وبر 1952م روح تشع دواخلها بالنور والصدق
والأحلام والآمال والتطلعات الكثيرة ، تُضيء أمكنة ولاتنطفي ..! سنين من العمر وهو
يُمهّد الدرب للعابرين ، وينشد قصائد البهجة والانتصارات لتحقيق حلم وإيقاد شمعة
بعد ليل من العتمة والانتظار .. يحمل هماً وحلماً وصبراً لاينفذ .. فقد أسس النادي
الأهلي في مديرية القطن الذي كان سنداً
للجبهة القومية من خلال اقامة الفعاليات الثقافية والفنية لإيقاد الحماس والنضال
الوطني ، وقد كتب حينها كثيرا من المسرحيات المواكبة لتلك الأحداث حينها .. وتحمّل
مسئوليات كثيرة ومختلفة في نادي شباب القطن الذي أسهم في تأسيسه سنة 1947م وهو من
أسس نواة لألعاب الظل ، واسهم في تشكيل العديد من الفرق الرياضية في الثمانينات ،
وهو حاصل على شهادة التحكيم في لعبة كرة القدم ، وعمل أيضاً في المجالس الأهلية
بالمديرية ، وكان ناشطاً في المسيرات والمهرجانات قبل الإستقلال الوطني 1967م ،
وتحمل كثيراً من المسئوليات في المنظمات الجماهيرية ، وقد درس المرحلة الإبتدائية
والمتوسطة في مديرية القطن ، والثانوية في مدينة سيؤن ، ودرس في جامعة عدن لحظة
تكوينها في بداية السبعينيات ، وعمل مُعلِماً ثم موجهاً تربوياً ، وتحمّل مسئولية
التوجيه التربوي في مدينة القطن لفترة 25 عاما .. وقد رُشّح لمناصب عديدة فأبت
روحه ، وظل عاشقاً لعمله في التربية والتعليم ، الى أن أُحيل الى التقاعد في سنة
2010م ..! وقد عرفته منذ عمر من الزمن أب تقطر دواخله بالعطف والمودة ، رقيق وجميل
يعشق العلم والأدب والأدباء ، يحمل ذاكرة ملأى بكثير من المعارف ، موسوعة مكتنزة
بالمعرفة والعلوم المتعددة .. ورغم تقلّبات الدهر بقي بيته مفتوحاً للسائلين
وعُشّاق البحث والمعرفة .. فيأتيه الطُلاب والباحثين والمثقفين والرياضيين والشخصيات
الإجتماعية ، لشخصيته الفذة البارزة كعلم من أعلام المدينة .. وكثيرا مايُسمع صوته
عبر اثير اذاعة سيؤن ومداخلاته في كثير من المناح الثقافية والأدبية والرياضية ، لِما
يملك من مخزون معرفي وثقافي لاينبض ولايجف .. أجالسه كثيراً وأعشق أحاديثه واستفيد
منها ، وقد وجدته متحمساً وعاشقاً لِما أكتب في فن السرد ومن مقالات في الصحافة
ويناقشني في أغلب كتاباتي .. شكراً لك .. شكراً كثيراً أيها القلب والروح العاشقة
للسمو ونهضة الأمة والبلاد .. فأنت العصر الذي لاينتهي ،
وأنت تاريخ مدينة القطن التي تُعانق طيفك كل هذا العمر الباذخ بالصدق والبهاء .