نَهَاراتٌ تُحَاصِرُهَا الدِّمَاءُ
..
خالد لحمدي
صحيفة المسيلة العدد (
832 ) الأربعاء 16 ابريل 2014م
.......
مؤلم
مايحدث وموجع ماحدث .. الى متى أيها الوطن
ودمك يُسفك وأبناؤك يُقتلون ..؟ إلى متى لغة الرصاص تحكم أمة وشعب وتسحقه
ثقافـة الموت والدماء ..؟ كيف للروح أن تتقبّل الوجع .. وكيف تستطيع
التعايش مع واقع بائس مخاتل..؟ تحاول أن تُجمّله
وهو مُلفّع بالقُبح .. تنطلق الذاكرة لتُعانق
طيف يتراءى بشموخ وكبرياء .. لم تذهب أو تغيب ملامحه .. تتحسر .. تتذكر .. تشكر عقل صنع شيئا جميلا ،
وتتمنى أن لايذهب عنك أويغيب . تترقب ويشغلك الانتظار كثيرا لترى وجه أنيق يخاطبك
.. فلاتجد سوى ليل يلتف حولك .. يُطوّقك بقبحه فتستعن بالله .. تتسائل
روحك بتحسر ودهشة.. فتنهمر الإجابات بغزارة
.. تزيدك قوة وصبر .. لست وحدك .. تَقدّم .. الحق معك .. تجد حينها متكأ لتستريح
وتتأمل حولك .. تندفع بإصرار وهمة ودواخلك تنضح بالشوق لمعانقة وميض حلمك وحياة عابقة بالنور والأمل ..
تسري في عروقك ودمك حُمّى الكتابة .. تتأبط روحك الأبجديات ، وتُحاول أن لاتنجرف
نحو سهوب الخوف وإن تراءت أمامك ، ثق جيدا
أنها ستظل خائفة ولن تستطع الظهور ، وأبقى أنت فرشاة تُلوّن
الكون بالنور وتكتشف مكامن العبير ومنابع النقاء .. لاتبتئس . وإن عشت
نهارات تُحاصرها الدماء .. إخطو .. تَقدّم .. ستلحق بك حينها كثير من الأوجه لتشد
من ساعدك .. وسيآتي بَعدك الأتقياء الصادقين .. قد يبقى الحرف عمرا يُصارع شبح الزيف وكوابيس الضباب على أرض مفخخة بالموت ووجوه مُعفرة بالأرق ووجع السنين
العِجاف .. رغم كل ذلك ، ستصنع ذاتك
واقع حَلِمتَ بهِ وإن تلفّعت المسالك حولك بالصخب وأصوات
المستهزئين .. أنت لن تستطع أن تُغيّر الكون ، بل تستطيع أن تصنع بقلمك .. بريشتك .. بصوتك .. بروحك ، أشياء لن
يمحوها الزمن وسيحكيها لأمة وجيل سينصفك وسينطق
بالحق ذات يوم .. لاتقف ، لاتتعثر ..
فالدرب أخضر والطريق تتفتح على ضفافه عيون
النور ومرافىء الياسمين .. لاتلتفت لنهاراتك المحاصرة بالدماء ، فمواسم وفصول
البهجة تتراءى بعيدة مزهرة ، وإن كانت
كذلك ، فثمة صوت سيظل ينادي ليُكسر عمائم الزيف وأبواق السحرة المخاتلين ... أنت
تدرك جيدا أن للحق عذابات وتعثرات وحواجز ، ستتركها خلفك حين تتنسم عبيرك
القادم وتصنع خلاله عزّتك وكبرياؤك ..
حينها سيصمت الزيف صاغرا دون أن يجيب .. فربيع الحب يدخل الأرواح دون
تأشيرة أو طلب إذن للدخول ،
تتكاثر أزاهيره وعطره وعصافيره لتصنع سحائب من الغيم تتكاثف وتتلبد بالحلم فيذهب ابليس
وخلفه مواكب ملأى بالدم والسواد .. تنفتح حينها في شرايينك ودواخلك خرائط
مرسومة في ذاكرتك ورؤى مؤجلة حلمت بها وذُبحت على حواف الوطن .. سيبتسم لك وطنك
وستلج سفينتك في عمق بحارك بمتعة بعد تعب وأرق .. أوهل ستخلع حينها ذاكرتك وملامحك
القديمة والرصاص والأقنعة لايزالان يتلصصان
بك حيث تذهب وحيث تكون ..؟ كن يقظا
كي لايداهمك الموج والريح ، فأنت الحق والنهايات
الواقفة بفخر وازدهاء ، ولتهمس بعزة لقاتلي بهجتك وحلمك .. وإن أحرقتم
ورودي وعطري ووجه وطني الأنيق ، فلازالت حقائبي ملأى بالنور والفرح ، والسنابل المُحمّلة بالأمل ومنابت الياسمين .