لصهوة الفراشة موت وغواية *

                                                                                 خالد لحمدي

بحلم ليل  بلوّري الصور  والملامح  .. نسجت  روحي  تمائم التوق والأمل  ، محاولة الإمساك بوهج  وقت يدعوني ناطقاً بنهم وشغف .. يلملم  حشرجات صوتي وخطاي الواثقة ، على صهيل فجر  يوشك بالانذواء    .

أسعى معانقاً سماوات حلمي بفرح  وبهاء ... وبين ناظري  ينشد الوقت  الحنين  لحلم  لا يتسع  له  أفق  ولا دروب  أو مدى  ..!

أزرع عطر التفاؤل ... وأنسّق  باقاتها في حدائق التيه  والغواية  ... في حين جفّت منابع الماء  وعيون الأرض  .... ودلف القبح  بشراهة واشتهاء   .

نهاية عام موبوء *.. يتسرّب  نوره داخل ذاكرتي وروحي ، مليء بغربة  وسقم وتوجعات كثيرة  ... أقف خلاله على حواف الموت والتشظي  ... ويطل من نوافذ حزني  عصافير  ذات مناقير مقطوعة  تحمل أعشاشها وتذهب بعيداً  .

رصيف الميناء حولي .. تعبث به السفن العابرة ، ووجوه  لا تعرف عن العوم شيئا  .

أقف .. أقف وحيداً ... بصوت  أخرس لا يستطيع الكلام ً... كل المسافرين رحلوا ... ولم يبق  في المدينة سواي ... بعد أن قيل لي ... انهض وحدك  ... !

أيستطيع فرد النهوض بواقع بائس ومجادلة قوم لا يعون شيئا سوى الزيف والنفاق   ...

غصن غض  في  شجرة  يابسة متمددة  جذورها  في  أرض  بور  لا تعرف الاخضرار  والنماء    .

أتنهض الأوطان  بفرد واحد ...؟!

عتبي على المرائين الزائفين  ..!

كيف إذن ...؟!

لقد وقعت بين صامت ومنافق  .

بكى حينها قلمي أشد بكاء  .

لم يواسني أحد  .

وقيل لي حينها ... لن تستطيع  أن  تُغيّر  من الكون شيئا  ...!

مقتنع برؤاي وفكري ... وها هو التاريخ يعترف أخيراً بصحة خطوي وكل ما ذهبت إليه  .

لقد طالتني سخرية وانغلاق  البائسين  .

كيف  سأبلغ المحطة الثانية  وحمولتي ملأى بقنائن العطر والمحبة والصدق الكثير ..؟!

الطريق  وعرٌّ  وشائك .. تنام على حوافه  الزقّوم  وعيون آسنة .

الكاذبون ذهبت بهم  الريح كريشة ، مُخلّفين  سوادا وعتمة  وغيما لا يمطر سوى الجدب والخراب ... !

كيف إذن سيفهمون ....؟!

من الاستحالة أن ينفذ النور إلى الغرف المغلقة  دون فتح دروبها وسراديبها ذات الجدران العالية ..!

أبكي بوجعٍ ... حين كنت أنشد وأبتهل بصوت الكاتبة الرائعة  هدى العطاس .. وصهوات فراشاتها الحالمة  ،  وقد باغتني السواد ببؤس ...  لن يفهم أحد شيء من  أبجديات صوتي وشدوي .

وهل تحتضن العتمة الضياء ....؟!

سأنام على غيم البهاء مع  العشاق والوالهين  ..!

وعلى صهوة الفراشة  سأنشد التهاليل ..  بشوق وحرص لحياة تُنضّد فجرها  لغة  بياض وأصوات ضياء ..!  

فالحلم ليس حصول الروح على ما تشتهي ... بل  كيف  نبلغ أحلامنا وعقولنا خالية من السقم  وكثير من الوباء  ..

الأشجار  تكبر وحين تجف تخلد للنوم بعزة وكبرياء ... دون أن تسأل أحدا عن القطر سوى  الصلاة للسماء   ..!

لن أقبل أن أحتفي بالرداءة  ودواخلي ملأى  بالنور  وأكثر ثراء ..  ذلك موت  وخروج عن سلطان العشق وأبجديات البوح  وعودة للسنين العجاف  ..!

لقد بلغت سدرة منتهاي بمتعة ولذة .. ترافقني كثير من  السلوى  وعبق المواسم والفصول ..!

وحين أموت .. أكون محتضناً ملائكة كبريائي التي لم تتبرّأ من شتاءات فجري الوارفة بالدفء وأناقة الأشياء   .

  

 .........

...............

•  صهوة الفراشة .. عنوان قصة للكاتبة هدى العطاس  .. . عن كتابها .. برق يتدرب الإضاءة ص 56 .. ط 1 –  سبتمبر  2003م

•   نهاية  عام 2008م    .

.  عن كتابي .. وجهٌ آخر للنسيان ... قريباً  ..